الأليكسيثيميا | Alexithymia : فهم الصعوبات في التعبير عن المشاعر

هل تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك أو فهم مشاعر الآخرين ؟ هل تشعر بالبرود أو الانعزال عن العالم من حولك؟ هل تعاني من مشاكل في العلاقات الاجتماعية أو العاطفية ؟ إذا كانت إجابتك نعم، فقد تكون مصابًا بحالة تسمى الأليكسيثيميا.

Alexithymia : Difficulties in expressing feelings

الأليكسيثيميا | Alexithymia: فهم الصعوبات في التعبير عن المشاعر

هل تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك أو فهم مشاعر الآخرين؟ هل تشعر بالبرود أو الانعزال عن العالم من حولك؟ هل تعاني من مشاكل في العلاقات الاجتماعية أو العاطفية؟ إذا كانت إجابتك نعم، فقد تكون مصابًا بحالة تسمى الأليكسيثيميا.

الأليكسيثيميا هي حالة نفسية تتميز بضعف أو عدم القدرة على التعرف على المشاعر الشخصية أو التعبير عنها بشكل مناسب. كما تشمل صعوبة في التمييز بين المشاعر والأحاسيس الجسدية، وضعف في التخيل أو الخيال، وقلة الاندماج أو التعاطف مع الآخرين.

في هذا المقال، سنتعرف على ما هي الأليكسيثيميا، وما هي أعراضها وأسبابها، وما هي آثارها على الصحة النفسية والجسدية، وكيف يمكن التعامل معها بطرق مختلفة.

ما هي الأليكسيثيميا (Alexithymia) ؟ أصل التسمية والتعريف

تم صياغة مصطلح الأليكسيثيميا من قبل الطبيب النفسي بيتر سيفنيوس في عام 19731، وهو مشتق من اللغة اليونانية ويعني حرفيًا “عدم وجود كلمات للعواطف”. وفقًا لقاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية، فإن الأليكسيثيميا تتكون من ثلاثة مقاطع “a”  وتعني “نفي”، و"lexis"  وتعني “كلمة”، و"thymos"  وتعني “عاطفة” أو “غضب” أو "كتمان".

الأليكسيثيميا ليست مرضًا أو اضطرابًا في الصحة العقلية، بل هي ظاهرة نفسية تنطوي على نقص في الوعي العاطفي أو الذاتي. وهي موجودة بشكل طبيعي عند بعض الناس، وقد تصل نسبتهم إلى حوالي 10% من البشر3، وتتواجد بكثرة بين الذكور أكثر من الإناث. وقد تتداخل هذه الحالة مع حالات أخرى مثل طيف التوحد، والاكتئاب، والقلق، والتعاطي المفرط للمواد.

الأعراض والتشخيص

يمكن تحديد الأليكسيثيميا بواسطة أربعة أبعاد رئيسية، وهي :

- صعوبة في تحديد المشاعر والتمييز بينها وبين الأحاسيس الجسدية المصاحبة لها. فالشخص المصاب بالأليكسيثيميا قد يشعر بالضيق أو الانزعاج دون أن يعرف ما هي العاطفة التي يشعر بها أو ما هو السبب وراءها. كما قد يخلط بين العواطف والتفاعلات الجسدية مثل العطش أو الجوع أو الألم أو التعب.

- صعوبة في وصف المشاعر للأشخاص الآخرين أو التواصل معهم بشكل عاطفي. فالشخص المصاب بالأليكسيثيميا قد يجد نفسه عاجزًا عن التعبير عن مشاعره بالكلمات أو الإيماءات أو اللهجة أو التلون. كما قد يجد صعوبة في فهم مشاعر الآخرين أو التفاعل معها بشكل مناسب. وهذا يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والعاطفية والمهنية.

- عمليات تخيلية ضيقة أو محدودة، وندرة في الخيال أو الأوهام. فالشخص المصاب بالأليكسيثيميا قد يكون أكثر واقعية وعملية من باقي الناس، وقد يفتقر إلى الإبداع أو الابتكار. كما قد يجد صعوبة في التخيل أو التفكير في المستقبل.

- التوجه الخارجي للانتباه. هذا يعني أن الشخص المصاب بالأليكسيثيميا يركز على الحقائق والتفاصيل الخارجية بدلاً من العواطف والمعاني الداخلية. قد يكون مهتماً بالأشياء العملية والمنطقية والملموسة، ولا يهتم بالأشياء النظرية والمجردة والرمزية. قد يكون محدوداً في التفكير النقدي أو الإبداعي أو الانتقادي.

الأسباب والعوامل المؤثرة

لا يوجد سبب واحد محدد للأليكسيثيميا، بل هي نتيجة لتفاعل بين عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية. بعض هذه العوامل هي :

- الوراثة : قد يكون للجينات دور في تحديد مستوى الوعي العاطفي والقدرة على التعبير عن المشاعر. فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأليكسيثيميا تتوارث بين أفراد العائلة، وأن بعض الجينات المرتبطة بالعواطف والتعلم والذاكرة قد تكون متغيرة عند الأشخاص المصابين بالأليكسيثيميا.

- الدماغ : قد يكون للدماغ دور في تنظيم العواطف والتعبير عنها. فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص المصابين بالأليكسيثيميا يمتلكون تفاعلات دماغية مختلفة عند مواجهة المشاعر أو التحدث عنها، وأن بعض المناطق الدماغية المسؤولة عن العواطف واللغة والتخيل قد تكون أقل نشاطًا أو تواصلاً عند الأشخاص المصابين بالأليكسيثيميا.

- البيئة : قد تكون للبيئة دور في تشكيل العواطف والتعبير عنها. فقد تؤثر بعض الظروف الاجتماعية أو الثقافية أو العائلية على تنمية الوعي العاطفي والقدرة على التعبير عن المشاعر. فقد يتعلم الشخص منذ طفولته أن المشاعر هي شيء سلبي أو خطير أو محرم، وأنه يجب إخفاؤها أو تجاهلها أو قمعها.

كما قد يتعرض الشخص لبعض التجارب الصادمة أو المؤلمة التي تؤدي إلى انفصاله عن مشاعره أو تجنبها.

ما هي آثار الأليكسيثيميا على الصحة النفسية والجسدية ؟

- العلاقات الاجتماعية والعاطفية :

الأليكسيثيميا تؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والعاطفية للشخص المصاب بها. فالشخص المصاب بالأليكسيثيميا قد يعاني من :

- صعوبة في بناء علاقات متينة ومستقرة مع الآخرين، وقد يكون عرضة للانفصال أو الطلاق أو الخيانة أو العنف.

- صعوبة في التفاهم والتوافق مع الآخرين، وقد يكون عرضة للنزاعات أو الخلافات أو الانسحاب أو العزلة.

- صعوبة في التعاطف والتعاون مع الآخرين، وقد يكون عرضة للأنانية أو اللامبالاة أو الاستغلال أو الاستهتار.

- صعوبة في الاستمتاع والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية، وقد يكون عرضة للملل أو الضجر أو الاكتئاب أو الانتحار.

- الاضطرابات النفسية المرتبطة :

في العديد من الحالات، تكون الأليكسيثيميا جزءًا من اضطراب نفسي آخر، مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق. يجب تقييم الحالة بعناية لتحديد العلاقة بين الأليكسيثيميا والاضطرابات النفسية الأخرى.

- الأمراض الجسدية المرتبطة :

هناك تأثير محتمل للأليكسيثيميا على الصحة الجسدية، حيث يشير بعض البحث الطبي إلى ارتباطها بالمشاكل الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم والأمراض القلبية. ومع ذلك، يتطلب هذا المجال المزيد من الأبحاث لتحديد العلاقة الدقيقة بين الأليكسيثيميا والأمراض الجسدية.

كيف يمكن التعامل مع الأليكسيثيميا ؟

- العلاج النفسي  :

يعتبر العلاج النفسي أحد الطرق الفعّالة للتعامل مع الأليكسيثيميا. يمكن للمساعدة النفسية توجيه الفرد نحو فهم أسباب الحالة وتوفير أدوات واستراتيجيات لتحسين المزاج واستعادة الفائدة في الحياة اليومية.

- العلاج الدوائي :

تعتبر بعض الأدوية النفسية، مثل مضادات الاكتئاب، خيارًا ممكنًا للتعامل مع الأليكسيثيميا. يجب استشارة الطبيب لتقييم الحالة وتحديد ما إذا كانت الأدوية الدوائية مناسبة.

- العلاج الذاتي :

يمكن للأفراد المصابين بالأليكسيثيميا اتخاذ خطوات خاصة للعناية بأنفسهم. ذلك يشمل ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على نمط حياة صحي، والبحث عن أنشطة تهمهم وتجلب لهم السرور.

الختام

فهم الأليكسيثيميا يتطلب تقييمًا شاملاً للجوانب النفسية والجسدية. التعامل مع هذا الاضطراب يتضمن البحث عن العلاج المناسب، سواء كان علاجًا نفسيًا أو دوائيًا. الأهم هو التفرغ للعناية بالصحة الشاملة والبحث عن أساليب تحفيزية للمساهمة في تحسين الحالة المزاجية.

الأسئلة الشائعة :

- هل يمكن أن تكون العوامل البيئية سببًا للأليكسيثيميا؟

نعم، يمكن. الضغوط البيئية والتحديات الحياتية قد تسهم في ظهور الأليكسيثيميا، ولكن يتطلب ذلك دراسات إضافية لفهم العلاقة بشكل أفضل.

- هل الرياضة لها تأثير إيجابي على الأليكسيثيميا؟

نعم، يمكن أن تساعد ممارسة الرياضة في تحسين المزاج وتقليل الأعراض السلبية المرتبطة بالأليكسيثيميا.

- ما هي أبرز الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على الصحة النفسية؟

من أبرز الخطوات تشمل الاسترخاء اليومي، والتفكير الإيجابي، والتفاعل الاجتماعي الصحيح.

- هل الأليكسيثيميا قابلة للشفاء بشكل كامل؟

يعتمد ذلك على عدة عوامل، بما في ذلك خصائص الفرد والعلاج المتاح. في الكثير من الحالات، يمكن تحقيق تحسن كبير مع العلاج المناسب.

من خلال الفهم الشامل والتقييم الدقيق، يمكن أن يساعد التشخيص الصحيح والعلاج الفعّال في تحسين جودة الحياة للأفراد المصابين بالأليكسيثيميا.

تعليقات